رسالة إلى شيخي الكريم
شيخي الكريم ـ حفظه الله :
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :
لا تنتظر شكر من حقد وحسد ، خلق الله العباد ليذكروه , ورزق الله الخليقة ليشكروه , فعبد الكثير غيره , وشكر الغالب سواه , لأن طبيعة الجحود والكفران والجفاء وكفران النعم غالبة على النفوس فلا تصدم إذا وجدت هؤلاء قد كفروا جميلك , وأحرقوا إحسانك , ونسوا معروفك , بل ربما ناصبوك العداء , ورموك بمنجنيق الحقد الدفين , لا شيء إلا لأنك أحسنت إليهم ) وَمَا نَقَمُوا إِلَّا أَنْ أَغْنَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ ( [ التوبة : 74 ] وطالع سجل العالم المشهود , فاذا في فصوله قصة أب ربى ابنه وغذاه وكساه وأطعمه وسقاه , وأدبه , وعلمه , وسهر لينام , وجاع ليشبع , وتعب ليرتاح , فلما طر ارب هذا الأبن وقوي ساعده , أصبح والده كالكلب العقود استخفافاً , ازدراءً , مقتاً , عقوقاً صارخاً , عذاباً وبيلاً .
فليهدأ الذين احترقت أوراق جميلهم عند منكوسي الفطر , ومحطمي الإرادات , وليهنؤوا بعوض المثوبة عند من لا ينفد الحار لا يدعوك لترك الجميل , وعدم الإحسان للغير , وإنما يوطنك على على انتظار الجحود , والتنكر لهذا الجميل والإحسان , فلا تبتئس بما كانوا يصنعون .
إعمل الخير لوجه الله , لأنك الفائز على كل حال, ثم لا يضرك غمط من غطك , ولا جحود من جحدك , واحمد الله لأنك المحسن , واليد العليا خير من اليد السفلى ) إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا ([ الإنسان : 9 ] .
وقد ذهل كثير من العقلاء من جبلة الجحود عند الغوغاء , وكأنهم ما سمعوا الوحي الجلي وهو يعني على الصنف عتوه وتمدده ) مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَسَّهُ كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ( [ يونس : 12 ] لا تفاجأ إذا أهديت بليداً قلماً فكتب به هجاءك , أو منحت جافياً عصاً يتوكأُ عليها ويهش بها على غنمه , فشبح بها رأسك , هذا هو الأصل عند هذه البشرية المحنطة في كفن الجحود مع باريها جلَّ في علاه , فكيفَ بها معيَ ومعك ؟ .
ينظر : لا تحزن عائض القرني ، ص22 – 23 ([1]).
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق