الجمعة، 25 مايو 2012

محمد علي إلياس العدواني


( 1924-1999 )
        ولد محمد علي إلياس بن رجب العدواني، في قرية السلامية من قرى الموصل سنة1340هـ/1924م. وقد ذكر محمد نايف الدليمي في كتابه (ديوان الموشحات الموصلية) الصادر عام 1975، إن مولد محمد علي العدواني تم عام 1923وذكر لؤي الزهيري في مقابلة أجراها مع محمد علي العدواني أن مولده كان في عام 1920 في لقاء أجراه معه تحت عنوان (من شعراء الخمسينات في الموصل) في جريدة الحدباء الصادرة في 8/11/1983 وما اثبتناه هو التاريخ الصحيح لمولد الشيخ الشاعر العدواني. بدأ محمد علي الياس العدواني دراسته الابتدائية في مدرسة السلامية وأتمها في مدرسة (الوطن) بالموصل حين رحلت أسرته إليها، بعد أن باع والده أراضي فلاحته في القرية وينتمي والده إلياس بن رجب العدواني الى قبيلة عدوان، وأخواله من قبيلة البو بدران وقد توفي والده عام 1971 وتوفيت أمه عام 1940. وقد قرأ القرآن على والده منذ أوائل صباه، وحين أتم الدراسة الابتدائية في الموصل دخل المدرسة الفيصلية الدينية في عهد مديرها الشيخ عبد الله النعمة، وكان من شيوخها:مصطفى أمين الفتوى، وأخذ طرفاً من علوم اللغة العربية ولا سيما النحو من الشيخ عثمان الجبوري، وقرأ التجويد على الشيخ محمد صالح الجوادي في جامع الرابعية، ودرس المواريث على الشيخ أحمد الجوادي، وقرأ علم المنطق والحكمة على الشيخ عبد الله النعمة، وقد أجازه الشيخ النعمة في علوم (المادة) وهي العربية وفنونها والفقه وأصوله والحديث والتفسير وأصولهما، ولديه إجازة أخرى في علوم المادة من الشيخ عبد الغفور الحبار الموصلي.
بدأ رحلته إلى مصر عام 1943 في بعثه علمية الى الأزهر، ودخل كلية الشريعة فيه، وأخذ عن شيوخ أجلاء مثل: محمود شلتوت، ومحمد محمد المدني، ومحمد مأمون الشناوي، ومحمد أبو سنة، وأحمد حمروش، وعبد الرحيم فرغل، وآخرين، وقد جمعته زمالة علمية هناك بعدد من الأفاضل بينهم:الشيخ سيد سابق صاحب كتاب (فقه السنة)، وأحمد الشرباصي الأديب المعروف، وكان قد صحبه في الرحلة إلى مصر نخبة من الطلبة الذين كان لهم أثر كبير في الحركة الثقافية في الموصل مثل:محمد محمود الصواف، ومحمد عبد الله الحسو وصالح أحمد المتيوتي وآخرين وأنهى دراسته في الأزهر عام 1947، وعاد من مصر، وعرض عليه العمل في القضاء الا أنه آثر التدريس وبدأ حياته العملية مدرساً للغة العربية والتربية الدينية في المتوسطة الغربية بالموصل ثم استحالت الى الإعدادية الغربية بعد أن ألغيت الدراسة المتوسطة فيها، وبقي فيها دون أن يغادر العمل يوماً واحداً حتى احيل الى التقاعد عام 1983وصاحب فيها أساتذة أفاضل لعبو أدواراً هامة في التوجيه التربوي والثقافي في المدينة مثل : الشاعر إسماعيل حقي فرج والشاعر أحمد قاسم الفخري، وعبد الرزاق الشماع وعبد العزيز توفيق وغيرهم. وقد شهد فيها صعود بعض طلبته إلى إدارتها والتدريس فيها مع مرور الأيام. ومن طلبته فيها ممن كان لهم بعدئذٍ شأن علمي وثقافي: الشاعر الدكتور هاشم الطعان، والخطاط المشهور يوسف ذنون و.د.حازم عبد الله خضر و.د.أحمد قاسم الجمعة و.د. توفيق اليوزبكي د. حكمت البزاز و.إبراهيم النعمة وغيرهم. تزوج محمد علي العدواني من امرأة تنتمي إلى عشيرة العبيد وأنجبت له من الذكور أربعة البكر فيهم عبد الوهاب العدواني (الدكتور) الذي أسهم إسهاماً فعالاً في الحركتين الأدبية والثقافية.
 مارس محمد علي العدواني كتابة الشعر والنثر والتأليف الفقهي والتاريخي واللغوي ونشر نتاجاته في الصحف المحلية والقطرية، وبدأ نشاطه الأدبي في جريدة (فتى العراق) منذ عام1948 وجريدة فتى العرب والأديب ومجلة الجامعة ومجلة النبراس ومجلة المورد وغيرها من الصحف والمجلات وهو يواصل نشاطه الأدبي والثقافي وعلى الأخص في جريدة الحدباء.
 أجاب محمد علي العدواني سؤالاً وجهه إليه لؤي الزهيري في لقاء أجراه معه في جريدة الحدباء بتاريخ 8/11/1983 عن الشعر والاحتراف أجاب العدواني بقوله: أنا أميل أكثر ما أميل إلى قراءة كتب اللغة ومعاجمها القديمة وكتب الحديث الشريف والشريعة والى الكتابة في ذلك، ولذلك لم أجعل الشعر هدفاً نصب عيني دائماً ولا أرغب إلا الشعر ذا اللغة الرصينة الجزلة، وأحب الشعر إليّ قديمه وما جرى على منهجه في القافية.
        وذكر في إحدى إجاباته أنه لم يشترك في مهرجان شعري إلا مهرجان (أبي تمام) الذي أقيم بالموصل عام 1971 في ذكراه الألفية، وألقى محمد علي العدواني قصيدة بعنوان (يا ابن أوس) نشرت في كتاب (ذكرى حبيب) الذي نشرته وزارة الثقافة والإعلام يومئذٍ وضم قصائد المهرجان.

من مؤلفاته المنشورة:
1-     اعتقاد أهل السنة والجماعة، للشيخ عدي بن مسافر الأموي رسالة حققها بالاشتراك مع إبراهيم النعمة ونشرت عام 1974 عن وزارة الأوقاف.
2-      ارجوزة الضاد والظاء في القرآن الكريم، لأبي نصر محمد بن أحمد الفدّوفي، حققها ونشرها في مجلة الرسالة الإسلامية التي تصدرها وزارة الأوقاف.
3-     بلغة المحتاج في مناسك الحاج، لجلال الدين السيوطي، حققها ونشرها بالاشتراك مع صفوك المختار.
4-     المنهج المشهور في تلقيب الأيام والشهور، للشيخ شعبان بن محمد الآثاري، حققها ونشرها في مجلة المورد في عددها التذكاري بمناسبة بدء القرن الخامس عشر الهجري.
5-     الغزوات النبوية، ارجوزة نشرها في مجلة الرسالة الإسلامية، وقد شرحها ابنه عبد الوهاب ونشر الشرح بعنوان (الغزوات النبوية، شهورها القمرية وسنواتها الهجرية) في مجلة المورد العدد المشار إليه آنفاً.
6-      الجبال والأمكنة والمياه في شعر المتنبي، نشر في مجلة المورد في عددها التذكاري عن أبي الطيب.
7-     الحدود والتعزير في الفقه الإسلامي، مجلة الجامعة ثم نشرتها رابطة العلماء، في الموصل مستقلة.
8-      دراسة عن شعبان الآثاري الموصلي، نشرت في عددين من مجلة الرسالة الإسلامية.

ومن أعماله المخطوطة:
1-  معجم مؤلفات الموصليين .
2-  رسائل في الأصول والمنطق والعلوم .
3-  معجم ما يحل ويحرم من الحيوان عند المسلمين في غير حال الضرورة.
4-  تقريب الصدد بذكرى عبد الصمد، حرره في تذكار ولده عبد الصمد الذي فقد عام 1986 في منطقة الفاو، في الحرب العراقية الإيرانية.
5-  تعليق على مختصر صحيح الإمام الترمذي.
6-   أرجوزة في سيرته الذاتية.
7-  تحقيق السيرة النبوية لعزالدين بن بدر الدين بن جماعة الكناني.
8-  ديوان شعره وقد جمع قسمه الأول وأعده للنشر منذ أواخر الخمسينات .
9-  رونق الذهب في نسب عدوان من العرب.
وللأستاذ محمد علي الياس العدواني ترجمات وعدة دراسات.
 يعد محمد علي العدواني واحداً من شعراء الموصل كثيري الإنتاج، تجد شعره في صفحات الجرائد المحلية القديمة والحديثة ولا سيما جريدة الحدباء التي تطالعنا بين أسبوع وآخر بقصيدة للعدواني، ولو نشر شعره لاستغرق ديواناً كبير الحجم.
يمتاز شعر العدواني بالتزامه القصيدة العمودية فضلاً عن جزالة اللفظة وقوة العبارة ويعود ذلك إلى رصيده اللغوي الكبير فهو مولع بقراءة المعاجم والكتب القديمة، فضلاً عن حسّ موسيقي مرهف، وإيقاع جميل في موسيقاه الداخلية، لأنه يعنى بالموسيقى الداخلية عنايته بالموسيقى الخارجية، ويحس القارئ لشعره أنه يسعى إلى المواءمة بين هذين النوعين من الموسيقى لخلق الأثر النهائي في نفس المتلقي.
 وقد توزع شعر محمد علي العدواني في موضوعات عدة إلا أن موضوعين يستأثران باهتمامه الشعري، وهما: الشعر الديني، والشعر الوطني.
 يعد محمد علي إلياس العدواني أكثر الشعراء المحدثين بالموصل شعراً في هذا الاتجاه وهو شعر له مكانة خاصةً في الموصل، المدينة العريقة في تمسكها بأهداب الدين وهي من أكثر المدن العراقية مراقد ومساجد وجوامع وتكايا فضلاً عن اتجاه الشاعر الديني ودراسته في الأزهر الشريف، وتدينه الشديد منذ نعومة أظفاره، ويتوزع شعره الديني بين المديح النبوي الشريف، والقصيدة الإصلاحية الدينية، وقصيدة المناسبات الدينية، وقصائد التأمل الديني في الوجود والحشر.
وشعره في هذا المجال يستحق التأمل والدراسة، فهو يخرج من إطار الشعر الديني التقليدي إلى آفاق جديدة من حيث الصياغة الفنية واختيار اللفظة الجزلة والقافية المناسبة ، فضلاً عن الحس الموسيقي العالي الذي نجده في قصائده الدينية، أما من حيث المضمون فهو يخرج عن التقليد والمباشرة والخطابية، إلى التساؤل والتأمل والتعمق في أسرار الكون وأمور العبارات ([1]).


([1])  ينظر ترجمته: موسوعة أعلام الموصل في القرن العشرين ص 500-502، ديوان الموشحات الموصلية ، محمد نايف الدليمي ، ص 221وغيرها . 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق