الجمعة، 8 يونيو 2012

المرابي المرائي


المرابي المرائي
ما إن يدخل رمضان من كل عام إلا ويعود الآلاف من أبناء المسلمين إلى دينهم من جديد ، دخل رجل يرتدي زيا شبابيا عيناه واسعتان بارزتان إلى الأمام ورقبته طويلة ورأسه أصلع طويل القامة اسمر البشرة تعتري ملامحه قسوة ، من نظر إليه شعر أنها مستمدة من قسوة قلبه ، يركب دراجة نارية  يطوف بها الطرقات من رآه أشفق عليه كثيراً ظاناً انه من الفقراء المعدمين .
كان يسير إلى جنب أحد المساجد سمع مؤذن المسجد يقول رحم الله من نوى نية الصيام ليوم غد ورأى الناس تتقاطر مسرعة للدخول إلى المسجد دخل مسجد الحي في رمضان وتوجه إلى محلات الوضوء ليتوضأ بسرعة مخافة أن يراه احد لأنه لا يعرف كيف يتوضأ ، ووقف في الصف ليؤدي الصلاة وهو يرتجف لأنه لايعلم كيف يؤديها ولأول مرة توجه بقلبه إلى بارئه ، ليناجيه من خلالها ، ما إن وضع رأسه على الأرض إلا وأجهش بالبكاء ، وهو يردد الهي عصيتك كل هذه السنوات وأنت تكلؤني بنعمك تطعمني وتسقيني .. الهي اني أضع رأسي اليوم معلنا خضوعي لإرادتك وانقيادي لما شرعته لعبادك .
قام المصلون وهو لازال ساجد لله نزعه من كان على جنبيه ليتدارك مافاته من الصلاة انتبه إليهم ولحق بهم والدموع تنهمر من عينيه تتساقط على الأرض كأنها حبات من الخرز المتلألئ ، أكمل الصلاة رفع يديه الى السماء الهي أرجو عفوك ياواسع المنن جد علي بتوبة جد علي برحمة نجني من عظيم ذنبي الهي ... أدى تلك الصلاة وشعر بحرارة الإيمان تدخل قلبه شعر كأنه في عالم أخر غير العالم الذي اعتاد العيش فيه .
أين أنا هل أنا في حينا ؟ رأى المصلين وهم يقبل احدهم الآخر ومهنئا  بقدوم شهر رمضان المبارك.
خرج معهم من صلاة التراويح مرتاح النفس مشرق الجبين قال في نفسه آه آه وأسفاه على هذه السنوات وعلى هذا العمر الذي ضاع في معصية الله .
بدأ يرتاد المساجد ويحافظ على صلاة الجمعة فقط وفي إحدى الجمع تحدث خطيب الجامع عن الربا وكيف أن الله حرمه على المسلمين ،  وماهي عقوبة المرابي جاءته لحظات إيمانية بعد سماعه هذه الخطبة فأراد ان يكفر عن ذنبه الماضي إذ أودع مدخراته في احد البنوك  واخذ يتقاضى الفوائد الربوية عنها السنوات طوال .
بدأ باستشارة العلماء وأرشدوه أن يتخلص من تلك الأموال الربوية عدَّ الفوائد التي جناها من هذه الأموال وإذا بها عشرة ملايين دينار فقرر الخلاص منها .
فأخذ يجاهر في الإنفاق بنقود قليلة أرشده إمام المسجد إلى عائلة فقيرة وأرشده إلى يتيم فقير مريض بمرض القلب لا يستطيع إجراء العملية الجراحية .
طرق باب الأيتام خرجت امرأة رثة الثياب نحيلة الجسم غائرة العينين ، وخرج خلفها طفل صغير بالكاد يستطيع ان يقف على قدميه ، ودخل لم يجد شيئا ثمينا في بيتهم ، قال إمام المسجد لإم الأيتام إن الحاج يريد أن يتكفل بنفقات علاج ابنكم المريض فرحت فرحاً شديداً وأخذت تبكي وهي تدعو له  .
بعد يوم أو يومين رفض مدعياً انه لايستطيع إنفاق مثل هذا المبلغ على عائلة واحدة ، طلب الإمام منه مبلغاً للعائلة ولكنه لم يواسهم ولو بدينار واحد .
وبعد كل صلاة جمعة يقف أمام المصلين ليقول : أين الفقير الفلاني الذي جاء إلى حينا لطلب المساعدة لم يحتمل الإمام هذه التصرفات منه بين له إن ذلك لايجوز وهذا من باب الرياء ولكنه لم يردع وفي إحدى الجمع ما أن قال أين الفقير وقبل أن يكمل انفجر الإمام بوجهه واخذ يصرخ أيها المرابي لم تخرج من باب الربا ودخلت باب الرياء .
ركب دراجته النارية وولى مسرعاً من أمام المسجد ليتردد إلى مساجد أخرى ويختلق لهم مشاكل أخرى ولازال يحتفظ بالأموال الربوية وأضاف عليها محرمات أخرى .
***











ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق