الحمار الذكي
نشا أحمد يتيماً , فأبوه قد قتل غدراً وهو
يحرث أرضه الزراعية دون أن يكون له عداء
مع أحد ، فأبو أحمد كان رجلاً طيباً , محبوباً من قبل أبناء القرية جميعاً .
يخرج أحمد
في كل صباح وهو يركب حماره كي يرعى أغنامه في مرعى القرية وفي حال عودته من المرعى
في المساء ، يقوم بربط هذا الحمار وإحكام ربطه إلا أن هذا الحمار امتاز بأنه كان يقوم
بقلع الوتد من الأرض بأسنانه , ثم يهرب إلى أرض حسان المجاورة للقرية, ليرعى فيها
, تكرر هذا الحادث لمرات عدةٍ , مما سبب ضيقاً لدى أبناء حسان , وتكرر نصحهم لأحمد
، ولكنَّ أحمد يعتذر لهم في كل مرة بأنه قام بإحكام ربط الحمار ويسرد لهم عذراً مختلفاً
عن المرة السابقة .
قرر الابن الأكبر لحسان ( سمير ) أن يقوم بردع
أحمد وحماره في حال تكرر تجاوزهما على الأرض ( الزرع ) في هذه المرة .
وفي أحد أيام الربيع خرج سمير مع إخوته وأبناء
عمومته خلف أحمد إلى مرعى القرية , وهناك تكلموا معه حول حماره ولكنه اعتذر لهم كما اعتذر في المرات السابقة
محتجاً بأنه لا يستطيع لجم حماره وذلك لكون هذا الحمار يمتاز بالذكاء .
هنا جُنَّ
جنون سمير فأخذ يعنف أحمد ويسبه ويشتمه فرد عليه أحمد بنفس الأسلوب ، تناول سمير
عصاه وأخذ يضرب بها على رأس أحمد حتى أفقده الوعي ، وأراد إخوته منعه مخافة قتله
ولكنه يصرخ بهم دعوني اقتل أحمد هذا ...... ولكنهم حملوه من فوقه وتركوا أحمد
مُلقى في العراء هرع الرعاة إلى حمله إلى أهله ثُمَّ أوصلوه إلى المستشفى ولكن وضع
أحمد كان سيئاً للغاية من أثر الضربات التي تلقاها من سمير .
هرع أقرباء أحمد
إلى أقرباء سمير ليلتقوا في طرف القرية ، وحدثت بينهم مشاجرة لم يستطع أهل القرية
إيقافها ليسقط عدد من الجرحى في تلك
المشاجرة التي لم يستخدم فيها بحمد الله الأسلحة النارية ، تدخلت الشرطة وأودعت الطرفين
في السجن ، فأحمد في المستشفى مُلقى ، وسمير وأشقائه بالسجن مع أقربائه ، وبقى حمار أحمد يرعى في أرض
حسان دون رادع له .
بعد أكثر من
عشرة أيام خرج أحمد من المستشفى معافى ولكنه يعاني من انفطار الجمجمة وبعض الآثار الجانبية
توسط المصلحون لغرض فض النزاع الذي دام لأكثر من شهر ، كلما خرج شخص من عشيرة سمير
خرج خلفه من عشيرة أحمد ليوسعوه ضرباً وإذا خرج فرد من عشيرة أحمد خرج خلفه من عشيرة
سمير لينالوا منه وهكذا الحال.
تم الصلح
بينهما على أن يقوم أبناء حسان بالاعتذار من أحمد وأهله ، واخذ مدير الناحية
عليهم عهدا أن لايتعرضوا لهذا الحمار ليس أبناء
حسان فقط بل جميع أفراد القرية وإلا لن
يطلق سراح أبناء القرية من الطرفين فاستجابوا لمطلبه هذا .
لكن أهل القرية
هجروا قريتهم في الذي يوم 6 / 4 / 2003 اثر قصف الطيران الأمريكي للقرية المجاورة لهم الذي أوقع ضحايا
عديدة فبقى الحمار يرعى بحرية ودون قيد لمدة أكثر من شهر ليس في زرع حسان فحسب بل في حقول القرية جميعاً ، وبعد عودة الناس
إلى القرية , بقى أحمد يعاني من حماره حتى تمَّ حصاد محصول الحنطة والشعيرة فأراحه الله من شر حماره ومن شر الفتنة .
***
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق