الجمعة، 8 يونيو 2012

حكايات من القرية : الظيف الغادر


الضيف الغادر
 كان شاباً حسن الصورة والقوام جاء مهاجراً من القطر السوري ليستضيفه أحد أقربائه في قريتنا ، وبعد أن بقي عندهم مدة من الزمن أخبرهم انه جاء لاجئاً إلى العراق وأحسنوا ضيافته ، وبقي في هذا البيت لعدة سنوات.
أخذ أبناء القرية ينظرون إلى ( نوار ) على انه أحد أفراد قريتهم واحد أفراد تلك العائلة ، كان صاحب المنزل لديه ابنة صغيرة لاتتجاوز العشرة سنوات وكان  هذا الشاب بمثابة العم لها ولم يخطر ببال أحد من الناس أنه سوف يقوم بالغدر لأنه لدى هذه العائلة والقرية المكين الأمين .
أصبحت البنت شابة صغيرة جميلة المنظر يعجب بها كل من يراها ذات قوام رشيق ووجه فاتن وابتسامة مشرقة فأخذ يغرر بها رويداً رويداً حتى وقعت في حبه وفي حباله وشباكه القذرة وكانت صغيرة لاتعرف من الحب أو العشق شيئاً ولايوجد في تلك القرية من الشباب الكثير ، الذي كان  من الممكن أن  يستميل قلبها نحوه ، فأول ما رأت من الرجال كان  هو ، ولم تعرف في حياتها رجلاً سواه .
 وكان  ذا ثقافة لا بأس بها استطاع من خلالها أن  يغري تلك الفتاة الساذجة الجاهلة .
وفي صباح يوم شتوي استيقظت القرية على فاجعة حلت بإحدى بيوتها فاجعة لم يسبق أن  مرت بها القرية أبداً إلا من خلالها سماع الحكايات هنا وهناك ، صدم أهل القرية من تلك الفعلة التي حدثت كيف يخون الأمين وكيف يسرق صاحب المال ماله ، كان أميناً مؤتمناً على كل مافي البيت ، وكل مافيه كان تحت تصرف يديه ، هذا الأمر شجعه على الغدر والخيانة خطف البنت وهرب بعيداً نحو الحدود السورية ، قص الناس أثره ووجدوا قدميهما في الأرض الموحلة تسير إلى جنبه وربما وراءه أو عن يمينه أو عن شماله لكنهما كانا معاً ـ مما يدل على أنها كانت في حرية تامة ولم تكن مخطوفة ـ وهما يسيران  صوب الحدود السورية .
ولم يفلح رجال القرية بإللحاق بهما ، فعادوا أدراجهم وقد خيم الحزن على أهل القرية والعار على أبيها وأشقائها ، وأصبح كل من في القرية يشعر بالندم لأنه لم يتخذ موقفاً حازماً من هذا الضيف الغادر ، الذي غدر بهم جميعاً ، لان الغدر بواحد من أهل القرية هو غدر بالجميع .
 واخذ أهل القرية يسالون أبا ماضي عن هذا الضيف الذي كان  يقول دائماً : إنه ابن عمه وكيف يغدر ابن العم بعرضه؟
 لم يجبهم ولكن أقربائه في القرى المجاورة ، وبعدما  حل ماحل ووقع ماوقع بداؤا يلومونه على استضافته وكيف أنهم حذروه منه في أول يوم دخل فيه بيته وقالوا انه سوف يغدر بك لا محالة ولكنه لم يأخذ الأمر مأخذ الجد وكيف له أن يطرد لاجئاً سياسياً على بلده وضيفاً على قريته .
أخذ الناس من أهل قرية يتساءلون لماذا قال : أقربائه انه سوف يخون هل طبع الخيانة موروث لدى عائلته ؟ أم أن سبباً ما سيدعوه إلى فعل ذلك بدأ الهمس وبدأت الأقاويل وبدأت تتضح الصورة المشوشة لدى أهل القرية ويتضح الماضي وينكشف المستور ، فتبين أن  جد أبي ماضي كان  قد فعل مثل ما فعل نوار وجاء نوار لأخذ الثأر والانتصار للشرف المهدور .

***




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق