الاعتراض على
القدر
كانت شابة في مقتبل العمر وتزوجت من ابن
عمها وفي عقلها وقلبها أفكار للحياة الزوجية ولكنها تفاجئت أن تلك الأفكار ماهي إلا وهم وسراب فأخذت المشاكل
تزداد يوماً بعد يوم ولكنه متمسك بها لأنه أنجب منها ولداً .
افترقت عن زوجها وتزوجت من رجل آخر
ولكنها أنجبت له خمس بنات وأخذت تدعو الله أن
يرزقها بالولد وبعد طول انتظار رزقها الله بولد اسمته خلف لأنه خلف سنوات الانتظار
وسنوات المعانات التي كانت تعانيها من كلام الناس .
كبر خلف أمام ناظريها تعلق به الحاج
عواد تعلقاً شديداً انه الاتصال مع الماضي والالتحاق بالمستقبل وما إن شب خلف إلا وحدثت الحرب العراقية الإيرانية
وقبل نهايتها بسنوات قليلة التحق خلف بالخدمة الإلزامية وأصبح جندياً في الجيش العراقي
وبدأت معاناة الوالدين تزداد يوماً بعد يوم ، وأخذا بمتابعة الإذاعات لعلهما يتعرفان
على وضع الجبهة .
وما إن حدث هجوم من القوات الإيرانية على القاطع
الذي يوجد فيه خلف إلا أيقن الحاج عواد أن
ابنه خلف مقتول لا محالة .
وفي يوم جاءت قوة أمنية تحمل أحد الجنود
الذي استشهد في الحرب هرع أبناء القرية نحو جامعها كي يتعرفوا على الشاب الذي استشهد
من أبنائها هنا لم يستطع الحاج عواد القيام والمسير أسوة ببقية أهل القرية وأحس
بخوار قواه وكأن روحه تريد أن تفارق جسده .
فقال لزوجته : ضعي لي فراشاً كي أنام
فيه فاستلقى ووضع رأسه على الوسادة وغط في نوم عميق ، جاء بعض كبار السن ليخبروه أن ولده قتل فأرادوا إيقاظه ولكن دون جدوى ، ووجدوه
فارق الحياة وأسلم روحه إلى بارئها ، انه الوجدان القلبي والرابط الذي يربط الابن
بابيه ، وتم دفنهما في يوم واحد أحدهما إلى جنب الآخر ووري جثمانيهما الثرى وأخذ الناس
يتحدثون عن هذا الحب ويتعجبون من حبه لابنه وكيف شعر بمقتله دون أن يخبره أحد بذلك .
وتكرر الحادث مرة أخرى مع أم خلف فبعد
أن غزا العراق الكويت كان ابنها من الزوج الأول
جندياً في الحرس الأميري الكويتي فأعلن التلفزيون العراقي أن ثورة حدثت في الكويت وأن الجيش العراقي تدخل لمناصرة الثوار ، سقطت ألام
وقالت : إن ابني قتل وماتت من فورها .
وبعد فترة تبين أن ابنها لم يقتل بل هو بكامل صحته ، وانه خرج مع
من خرج من الكويت إلى المملكة العربية السعودية ولم يصب بأذى هذه العائلة فقدت الوالدين
نتيجة الخوف على الابنين من الموت فالأب مات من حبه لابنه والأم ماتت من حبها لابنها
فهل هو رضا بقضاء الله وقدره أم هو اعتراض على القدر؟.
***
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق