الجمعة، 8 يونيو 2012

حكايات من القرية : المراة الصابرة والاشقاء الظلمة


المرأة الصابرة والأشقاء الظلمة
تزوج الحاج مرعي بعد أن  تجاوز الأربعين من العمر بقليل وبعد سنوات من زواجه أنجبت له زوجته التي كانت تصغره بسنوات عدة ،  ثلاثة أبناء وبنتن  ، كانت البنتان  أكبرهم سناً ولذلك كانتا تتحملان أعباء المنزل نيابة عن والدتهما التي كانت تعاني من مرض المَّ بها ولازمها حتى فارقت الحياة بسببه .
 أصبحت عائشة البنت الكبرى الآن  بمنزلة الأم والأخت لأختها وإخوتها وأبيها وقامت على رعايتهم جميعاً ، رفض الأب الزواج من زوجة أخرى مخافة أن  تظلم أبنائه وكلما عرض عليه أقرباؤه الأمر كان  يتعذر بهذا الأمر ثم يرفده بقوله : إني بلغت من العمر عتياً ولست مؤهلاً للزواج من زوجة أخرى ، متناسياً أن  البنت التي أوقفت نفسها عن الزواج قد بلغت من العمر عشرين عاماً .
 تزوجت الأخت الصغرى والابن الأكبر وعائشة يصدها أبوها عن الزواج بحجة أن  ليس عنده من يقوم على خدمته .
 ذهب الحاج مرعي إلى الحج ، وأثناء تأديته لمناسك الحج توفي ودفن هناك ، وبقيت عائشة مع أخواتها هي إلام والأخت والأب ، وقد بلغت من العمر (45) عاماً .
 تزوج الأخ الثاني ثم الثالث واستلقوا عنها وتركوها في بيت العائلة وحيدة في بيت من طين آيل للسقوط ، دون رعاية أو معيل بعد أن  استولوا على كل مايملك أبوهم من مال وأرض ، لتعيش حياة العوز والفاقة ، ترعى أبقارها وتعتاش من بيع عجولها ، تنكر لها الإخوة والأخوات وتنكرت زوجاتهم وأبنائهم معهم ، من نظر إليها أشفق عليها ، وخشي عليها من وحدتها .
 أصابها المرض وهي في دارها فتفقدها الجيران ، فوجدوها قد أُغمي عليها من المرض ، حملوها وادخلوها المستشفى أخذ الإخوة بزيارتها بين الحين والآخر كي يقال عنهم إنهم لم يعقوها لم تبق عائشة طويلاً في المستشفى ففارقت الحياة .
هرع الإخوة والأخوات إلى دارها ليختصموا على مايوجد فيه من أثاث وأبقار وكذلك على الدار ، فابتاعوا ماتملك وقسم بينهم بالسوية ، فيالها من حياة ويالها من معانات شديد كانت تعانيها عائشة ما جلست مجلساً ، إلا وأخذت تقص على من فيه كيف كانت ترعى إخوانها الصغار وكيف كانت تسهر عليهم ، وكيف كان  الجزاء لها من قبلهم ، فتدمي القلوب وتتحرك الأحاسيس تجاهها وتدعو على من قام بظلمها من أب ومن بعده الأشقاء الظلمة الذين ورثوا الظلم عن أبيهم .


***








ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق