المرأة
الصابرة والأشقاء الظلمة
تزوج الحاج
مرعي بعد أن تجاوز الأربعين من العمر بقليل
وبعد سنوات من زواجه أنجبت له زوجته التي كانت تصغره بسنوات عدة ، ثلاثة أبناء وبنتن ، كانت البنتان أكبرهم سناً ولذلك كانتا تتحملان أعباء المنزل
نيابة عن والدتهما التي كانت تعاني من مرض المَّ بها ولازمها حتى فارقت الحياة
بسببه .
أصبحت عائشة البنت الكبرى الآن بمنزلة الأم والأخت لأختها وإخوتها وأبيها وقامت
على رعايتهم جميعاً ، رفض الأب الزواج من زوجة أخرى مخافة أن تظلم أبنائه وكلما عرض عليه أقرباؤه الأمر كان يتعذر بهذا الأمر ثم يرفده بقوله : إني بلغت من
العمر عتياً ولست مؤهلاً للزواج من زوجة أخرى ، متناسياً أن البنت التي أوقفت نفسها عن الزواج قد بلغت من العمر
عشرين عاماً .
تزوجت الأخت الصغرى والابن الأكبر وعائشة يصدها أبوها
عن الزواج بحجة أن ليس عنده من يقوم على
خدمته .
ذهب الحاج مرعي إلى الحج ، وأثناء تأديته لمناسك
الحج توفي ودفن هناك ، وبقيت عائشة مع أخواتها هي إلام والأخت والأب ، وقد بلغت من
العمر (45) عاماً .
تزوج الأخ الثاني ثم الثالث واستلقوا عنها
وتركوها في بيت العائلة وحيدة في بيت من طين آيل للسقوط ، دون رعاية أو معيل بعد أن استولوا على كل مايملك أبوهم من مال وأرض ،
لتعيش حياة العوز والفاقة ، ترعى أبقارها وتعتاش من بيع عجولها ، تنكر لها الإخوة والأخوات
وتنكرت زوجاتهم وأبنائهم معهم ، من نظر إليها أشفق عليها ، وخشي عليها من وحدتها .
أصابها المرض وهي في دارها فتفقدها الجيران ، فوجدوها
قد أُغمي عليها من المرض ، حملوها وادخلوها المستشفى أخذ الإخوة بزيارتها بين الحين
والآخر كي يقال عنهم إنهم لم يعقوها لم تبق عائشة طويلاً في المستشفى ففارقت الحياة
.
هرع الإخوة والأخوات
إلى دارها ليختصموا على مايوجد فيه من أثاث وأبقار وكذلك على الدار ، فابتاعوا ماتملك
وقسم بينهم بالسوية ، فيالها من حياة ويالها من معانات شديد كانت تعانيها عائشة ما
جلست مجلساً ، إلا وأخذت تقص على من فيه كيف كانت ترعى إخوانها الصغار وكيف كانت
تسهر عليهم ، وكيف كان الجزاء لها من
قبلهم ، فتدمي القلوب وتتحرك الأحاسيس تجاهها وتدعو على من قام بظلمها من أب ومن
بعده الأشقاء الظلمة الذين ورثوا الظلم عن أبيهم .
***
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق