الخميس، 7 يونيو 2012

حسان واحسانه


حسان  وإحسانه
شب حسان  في بيت عز وجاه كان  والده من وجهاء القرية ومن المتنفذين فيها ورزقه الله اثني عشر ولداً كان  حسان  الابن الأول من ثلاثة أبناء من زوجته الثانية وتسلسله هو التاسع بين أبناء الحاج محمد .
وما إن  بلغ الثامنة عشرة كان  والده قد فارق الحياة قبل سنتين من ذلك تطوع إلى الجيش العراقي وانخرط في صنف القوات الخاصة كان  حسان  يتمتع بالشجاعة والكرم والذكاء مع دهاء موروث عن والده ـ رحمه الله ـ ، بنى له داراً واسعة جميلة أمام دور أشقائه وقام بزراعة جميع الأشجار والأزهار فيها ، فكان  شباب القرية جميعهم من المعجبين بهذه الدار الجميلة لا لبنائها فبناؤها كان أسوة ببناء أهل القرية من الطين ولكن لأشجارها الجميلة . 
أراد حسان الزواج فتقدم إلى أجمل بنات القرية ( زهرة ) وكانت كردية مستعربة لسكن أهلها في القرية منذ أكثر من ثمانين عاماً ، ولكن أخاها عبدالرحمن رفض هذا الزواج متعذراً بكونه عَزَب ولا يستطيع أن  يزوجه أخته قبل أن  يتزوج هو ، هنا عرض عليه حسان  ابنة أخته واسمها نوال بأن يتزوجها عبدالرحمن ولكن عبدالرحمن رفضها في بادئ الأمر لصغر سنها إذ كان  يفوقها بعشرين سنة ولكنه رضخ أخيراً إلى رغبة حسان  ، فقام حسان  بإقناع أخته حسنة مع زوجها عويد بأن  تزوج ابنتها نوال من عبدالرحمن ، ولحب حسنة مع زوجها وابنتها لحسان ، استجابوا جميعاً لرغبة حسان وتمَّ العرس بخير ، وأنجب حسان  العديد من الأولاد والبنات .
مرت تلك الأيام والسنون هادئة سعيدة وكنا ونحن صغار نرى شباب القرية يحسدون حسان  على زوجته وكنا من المعجبين به  كثيراً ولاسيما في فترة الحرب العراقية الإيرانية ، كان حسان يقدم بسيارته البرازيلي وهو يرتدي زي القوات الخاصة وأنواط الشجاعة الخمس مطرزاً بها صدره ، نقل حسان  سكنه إلى بغداد ، وبقي فيها لعدة سنوات ثم عاد مرة أخرى إلى قريته .
وبعد عودته من بغداد استقدام معه ثلاث عوائل إلى القرية فاعترض عليه جميع أبناء القرية بدون استثناء من أشقائه وأبنائهم وأبناء عمومته وأقربائه فضلاً عن أبناء القرية الآخرين كانت هذه العوائل هي أبناء عم زهرة زوجة ، قام حسان  بإسكانهم في القرية وتعهد إلى الأجهزة الأمنية بحسن سيرهم وسلوكهم واشترى لهم داراً بعد أن أسكنهم في داره الواسعة والمتعددة المرافق لأكثر من سنة .
وفي سنة1989 وإذا بسيارة الشرطة تدخل القرية وأخذ أبناء القرية يتساءلون إلى من جاءت إذ لا تأتي إلا لمشكلة في القرية كما اعتادت وإذا بها تقف أمام دار حسان  وتقوم بإعطائه بلاغاً من محكمة الكرخ تطلب منه الحضور ، وذلك لطلب زوجته الطلاق منه وإذا به قد تزوج من امرأة أخرى من بغداد فجاءت هذه المرأة مع أمها إلى مركز شرطة الناحية وهي تحمل تبليغ المحكمة المذكورة فذهب حسان  مع بعض إخوته وأبنائهم إلى مركز الشرطة وهناك قاموا بإقناع هذه الزوجة بالعدول عن قرارها وان  تقوم بالسكن مع زوجها في قريته وجاءوا بها هي ووالدتها إلى دار حسان  .
 هنا تنبهت زهرة فاسشتاطت غضباً مع ابنائها السبعة وأبناء عمومتها وذهبت إلى دار صدّيق ( ابن عمها ) باكية تشتكي مافعل بها حسان  وهل هذا جزائها بعد هذه السنوات الطوال معه ؟.
 فوعدها ابن عمها صدّيق بالانتقام من حسان  دون أن  يحدد نوع الانتقام ، فعادت إلى دارها .
 وما إن حلَّ الليل وبعد أن  انصرف  ضيوف حسان من أبناء أشقائه وعمومته وأوى إلى فراشه مع زوجته الصغرى فوق سطح داره إلا وسمع صوتاً يصرخ به : حسان  أن  كنت رجلاً فأخرج إليَّ فرفع حسان  رأسه وإذا به صدّيق يحمل بيده سلاحه ، وقد وضع عدداً من مخازن العتاد على صدره ويحمل عدد من الرمانات اليدوية في حزامه وهو يقف في حديقة الدار الواسعة فأراد حسان أن يتبين نوايا صدّيق فأمر زوجته أن لا تتحرك من مكانها مهما حدث فنادى حسان على صديق : أنا قادم إليك ورفع حسان  وسادته أعلى الجدار فقام صدّيق بإطلاق النار عليها .
 فتبين لحسان أن صدّيق أراد قتله فزحف إلى سطح دار أخيه المجاورة لداره والملاصقة لها ومن هناك أطلق حسان عليه النار من مسدسه فأصابه إصابة غير مميتة فقام صديق بتسلق جدار الدار الفاصل بين الدارين وهو يريد العبور إلى الدار الأخرى لكي يقوم بقتل حسان  فما إن  أصبح في أعلى الجدار وقبل أن  يتمَّ له العبور أطلق عليه حسان  عدد من الرصاصات وكانت إصابته له هذه المرة إصابة مباشرة فارداه قتيلاً في الحال .
هرع أشقاء حسان  وأبناؤهم مع أبناء عمومته إلى داره  فلم يجدوا إلا زوجتيه وهنَّ يصرخنَ ويبكينَ ، فلما نظروا في دار يوسف شقيق حسان  الأصغر ، وإذا بصدّيق مرمي على الأرض ، وهو مضرج بدمه وقد فارق الحياة .
وتعرض حسان في هذه الأثناء إلى الانتقاد من جميع أبناء القرية وتذكيرهم له بموقفهم من قدوم صدّيق إلى قريتهم وقالوا له هذا هو جزاؤك ياحسان  بعد أن  آويتهم وأطعمتهم وكسوتهم وملكتهم داراً ومسكناً في قريتنا،  كان  لك هذا الجزاء والله انك لتستحق ما فعل بك ؟
 قام مختار القرية بإخبار الشرطة فجاءت وحملت صدّيق إلى الطب العدلي وأخذوا التخطيط للحادث وأودع حسان السجن فقاموا بتسفيره عن طريق الانضباط العسكري إلى وحدته العسكرية .
وقامت زوجة صديق مدعية أن زوجة حسان زهرة هي من حرضت صديق على قتله مع ابنيها صابر وعدي وأودع الابنان السجن أيضاً وبعد أن  أمضى حسان عدة أشهر تمَّ الإفراج عنه وذلك لكونه ينتمي إلى الحرس الجمهوري وادعى حسان أنه  قتله دفاعاً عن النفس ، تمَّ إخراج ولدي حسان  صابر وعدي من السجن بعد عناء شديد .
هذه الحادثة أثرت في نفس حسان  كثيراً تجاه زوجته وأبنائه جميعاً برغم ادعاء زوجته أنها لا شأن  لها بالحادث وبقيت الزوجة تعيش مع حسان  ولازالت العلاقة الزوجية قائمة إلى الآن  .
ترك حسان  القرية بعد عام 2003 ، وسكن مدينة الموصل تاركاً داره ومضيفه وأرضه الزراعية وذلك لأن  أبناء صدّيق يريدون أن  يأخذوا ثأر أبيهم منه ، وهكذا أوقع حسان  نفسه في مشكلة لازالت قائمة لأكثر من عشرين سنة وذلك لأنه وضع المعروف في غير أهله .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق