الخميس، 7 يونيو 2012

الزوجة القاتلة


الزوجة القاتلة
كان  عمار شاباً قوياً غنياً يتمتع بالنبل والشهامة والكرم وكان  يتمتع بالمكانة الاجتماعية في القرية لكون أبناء عمه يقدمونه عليهم فضلاً عن أبناء شقيقاته كل هذا جعل منه رجلاً بارزاً بين أبناء القرية وذلك لوجود عدد من الرجال يؤازرونه فالمكانة تتحقق في المجتمعات الريفية بكثرة عدد الرجال ، كلما كان  الرجل لديه عدد كبير من الرجال كان  مأمون الجانب لا يُعتدى ، عليه مسموع الكلمة ، مقدماً في الرأي ، محترماً بين أبناء القرية .
أحب عمار ابنة عمه ولم يصرح بحبه لها تقدم إلى خطبتها ولكن أمها اعترضت ورفضت هذا الزواج كثيراً ولم يرغب بالزواج من امرأة أخرى .
بعد أن  أكمل خدمته العسكرية في الجيش العراقي أراد أبناء شقيقاته السبعة أن  يزوجوا خالهم فكرر المحاولة مع عمه ولكن دون جدوى وذلك لتسلط زوجته عليه وكعادة مثل هذه المجتمعات قام بفرض الحيار عليها ـ وهو منعها من الزواج من شخص آخرـ  فاختار له أبناء شقيقته الكبرى الذين كان يسمع كلامهم كثيراً ويستشيرهم أيضاً رغم كون بعضهم أكبر منه سناً فوقع اختيارهم على بنت عم لهم وكانت تصغره سنا بقليل ولا تتمتع بالجمال الذي يؤهلها لتكون زوجة لهذا الرجل المتنفذ .
فوجئ عمار بزوجته في ليلة عرسها وعلى فراش الزوجية ، قائلة له : لماذا تزوجتني ؟ إني لا احبك إني أبغضك كثيراً .
افزع هذا القول عماراً كثيراً ، لان  من عادة نساء القرية إذا تزوجن  رجلاً حتى وان  كنَّ لا يحببنه لا يُصرحنَ بعدم حُبهنَّ له مخافة أن  يقال عنهنَّ انهنَّ عاشقات لرجل آخر فيلحقهنَّ العار بل يكتمنَ ذلك في صدورهنَّ .
خرج عمار مسرعاً من مخدعه فرآه أبناء شقيقته فهرعوا إليه : ماذا حدث ؟ .
قصَّ عليهم الخبر وقال : إني لن انتظر طويلاً سأطلقها فاعترض عليه أبناء الأخت .
قالوا : سوف يلحقنا العار لان  الناس سوف يظنون إنها ليست بكراً انتظر أشهراً قليلة لأجلنا ياخال .
ورغبوه بان  يتزوج زوجة أخرى غيرها وبعد فترة يقوم بطلاقها وكلما أراد طلاقها ، قالوا له: ليس الآن  وهم بذلك يريدون أن  تنجب منه مولوداً لعلها بعد الإنجاب تحب زوجها أو تعتاد عليه وتتمسك به من اجل أطفالها ولكنها استمرت على غيها وعنادها ، فأنجبت منه حامداً ومنالاً.
انتشر خبر عدم حبها لزوجها  بين الناس لأنها لم ترد كتمانه بل أشاعته بين نساء القرية في ليلة عرسها وفي غيرها من الأماكن ، وحتى بعد الإنجاب بقيت على حالها هذه ، تصرح به بين الآونة والأخرى حتى بعد أن  أصبحت جدة لأكثر من خمسة عشر حفيداً كانت تقول له دائماً : أنت أخذتني غصباً وأنا لم أحبك يوماً من الأيام  في حياتي .
وبعد تسع سنين من زواجه الأول .
قال له: عمه أنا أعطيك ابنتي فلانة إن رغبت بالزواج منها ؟.
قال عمار : نعم وكله فرح بهذا الزواج لأنها الحب الأول والأخير . كانت
شابة حسناء واسمها حسناء طويلة القوام شقراء الشعر ذات عينين  زرقاوين  فضلاً عن كونها هادئة الطبع حسنة الخلق  فكل من رآها أحبها .
ولم يمض على زواجه منها إلا شهراً واحداً ، أخذ أبناء شقيقته يلحون عليه لإعادة زوجته الأولى وان أبناءه سيتربون بعيداً عنه ، وفي ذلك من المخاطر ما لا يحمد عقباه ولا سيما أن له بنتا منها .
تحت هذه الضغوط الكثيرة التي تعرض لها أعاد زوجته الأولى إلى بيته من جديد .
ولكنها لن تدعه حتى تنتزع الفرحة من قلبه وأضمرت في صدرها أن تنتقم من الزوجة الحسناء واضعة نصب عينيها أنها يجب تتخلص منها إلى الأبد .
خرج عمار مع زوجتيه للعمل في أرضه وتركهما سوية بعد أن  قام بنقل محصوله من الطماطة إلى المدينة لغرض بيعه وأمرهما بالعودة إلى البيت . 
قالت الزوجة الأولى أم حامد : للثانية: لننزل إلى البئر كي نغسل أيدينا ونشرب الماء ثم نذهب إلى البيت .
نزلتا سوية فما كان  من أم حامد إلا أن  قامت بدفع ضرتها الحسناء إلى البئر فسقطت فيه ، وكلما أرادت الخروج منه دفعتها إليه مرة أخرى حتى خارت قواها ولا أحد إلى جنبها أو يسمع صراخها ، خرجت إلى طرف البئر وكانت منهكة القوى ولا تستطيع الحركة انقضت عليها أم حامد كالنمرة المفترسة وقامت بخنقها والإجهاز عليها ، فلما أطمئنت أنها فارقت الحياة قامت برميها في البئر مرة ثانية ، وهي جثة هامدة .
وأخذت تصرخ وتستنجد لعل أي قادم ينزل إلى البئر ليقوم بإنقاذ الزوجة الحسناء من الغرق فهرع المزارعون من الحقول المجاورة لمزرعة عمار فأخرجوها من البئر ولكنها قد فارقت الحياة .
ولاحظ أبناء القرية كيف أن  الزوجة الحسناء قد أغرقت لأن  رقبتها زرقاء وآثار الخنق واضحة على رقبتها فضلاً عن بعض الخدوش في وجه الزوجة الأولى وخرزات عقد كان في رقبتها ، متناثرة على حافت البئر.
تيقن عمار أن  زوجته الأولى قامت بإغراق زوجته الثانية بعد خنقها وقامت بإلقائها في البئر فقام بطردها من داره وقرّر أن  يطلقها ، ولكن كثيراً من الناس كذب الخبر وطلبوا من عمار إعادة زوجته إلى بيته لأنها لم تقم بهذا العمل وبعد سنة ونصف أعادها مرة أخرى إلى داره .
ونجت بفعلتها هذه وأمنت من العقوبة ناسية ومتناسية أن الله لها بالمرصاد وسوف ينتقم منها عاجلاً أم آجلاً . 
رفض عمار الزواج بزوجة أخرى رغم إلحاح الجميع عليه وذلك لأنه يرى الحب قد مات وانطفأت جذوته بموت حبيبته فلم يعد يرى في النساء ما يثير في غريزته كرجل ، لذلك استجاب لطلب أبناء شقيقته الذين كانوا ذراعه التي يبطش بها في القرى ، ويده الضاربة ، كما يصفهم بأنهم عصب ظهره الذي يشد به ظهره أو يقويه لذلك ،أعاد زوجته الأولى إلى بيته من جديد .


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق